الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
شرح مشكل الآثار
بسم الله الرحمن الرحيم
وَصَلَوَاتُهُ عَلَى أَفْضَلِ مَخْلُوقَاتِهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلاَمِهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ بْنِ سَلَمَةَ الطَّحَاوِيُّ الأَزْدِيُّ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ بَعَثَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم خَاتِمًا لأَنْبِيَائِهِ الَّذِينَ كَانَ بَعَثَهُمْ قَبْلَهُ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَسَلاَمُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا خَاتِمًا لِكُتُبِهِ الَّتِي كَانَ أَنْزَلَهَا قَبْلَهُ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهَا وَمُصَدِّقًا لَهَا, وَأَمَرَ فِيهَا مَنْ آمَنَ بِهِ بِتَرْكِ رَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ فَوْقَ صَوْتِهِ, وَتَرْكِ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرِهِ, وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ تَوَلَّاهُ فِيمَا يَنْطِقُ بِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
وَأَمَرَهُمْ بِالأَخْذِ بِمَا آتَاهُمْ بِهِ وَالاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَحَذَّرَهُمْ فِي فِعْلِهِمْ ذَلِكَ إنْ فَعَلُوهُ حُبُوطَ أَعْمَالِهِمْ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ, وَحَذَّرَ مَعَ ذَلِكَ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي الآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بِالأَسَانِيدِ الْمَقْبُولَةِ الَّتِي نَقَلَهَا ذَوُو التَّثَبُّتِ فِيهَا وَالأَمَانَةِ عَلَيْهَا, وَحُسْنِ الأَدَاءِ لَهَا, فَوَجَدْت فِيهَا أَشْيَاءَ مِمَّا يَسْقُطُ مَعْرِفَتُهَا, وَالْعِلْمُ بِمَا فِيهَا عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ فَمَالَ قَلْبِي إلَى تَأَمُّلِهَا وَتِبْيَانِ مَا قَدَرْت عَلَيْهِ مِنْ مُشْكِلِهَا وَمِنْ اسْتِخْرَاجِ الأَحْكَامِ الَّتِي فِيهَا وَمِنْ نَفْيِ الإِحَالاَتِ عَنْهَا, وَأَنْ أَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَابًا أَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا مَا يَهَبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي مِنْ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى آتِيَ فِيمَا قَدَرْت عَلَيْهِ مِنْهَا كَذَلِكَ مُلْتَمِسًا ثَوَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَاَللَّهَ أَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ لِذَلِكَ وَالْمَعُونَةَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَوَّادٌ كَرِيمٌ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
وَابْتَدَأْتُهُ بِمَا أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِابْتِدَاءِ الْحَاجَةِ بِهِ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ بِأَسَانِيدَ أَنَا ذَاكِرُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
وَكَانَتْ الأَسَانِيدُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ خُطْبَةِ الْحَاجَةِ بِهَا: مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرِ بْنِ الْمُعَارِكِ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةَ الْحَاجَةِ فَذَكَرَ هَذَا الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ أَيْضًا حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم, ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانِ بْنِ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ أَبُو خَالِدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام يُعَلِّمُنَا خُطْبَةَ الْحَاجَةِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.
وَزَادَ بِشْرٌ قَالَ شُعْبَةُ, وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ, عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ, وَأَنَّ هَذَا حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ هَذَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا: مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَلَّمَ رَجُلٌ النَّبِيَّ فِي حَاجَةٍ; فَأَجَابَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ, مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ, فَلاَ مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ, فَلاَ هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا: مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ, حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ, حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ.
عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ قَالَ: كُنْت رَدِيفَ أَبِي عَلَيَّ عَجُزِ الرَّاحِلَةِ, وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ, وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ, نَسْتَعِينُهُ, وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, وَأَنِّي عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, ثُمَّ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ, ثُمَّ قَالَ: فَمِمَّا أَنَا ذَاكِرُهُ مِنْ الأَبْوَابِ الَّتِي أَنَا مُجْرِي كِتَابِي هَذَا عَلَى مِثْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَابُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ, حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ, حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ, عَنْ عَاصِمٍ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ, عَنْ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَ نَبِيًّا, أَوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ, وَإِمَامُ ضَلاَلَةٍ, وَمُمَثِّلٌ مِنْ الْمُمَثِّلِينَ ".
قَالَ أَبُو جَعْفَرٌ: فَوَقَفْنَا بِهَذَا عَلَى أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُمْ أَهْلُ هَذِهِ الأَصْنَافِ الثَّلاَثَةِ, وَفِيهِ مَا يَنْتَفِي أَنْ يَكُونَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ مِثْلٌ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ سِوَاهُمْ, غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي حَدِيثٍ سِوَاهُ مَا يَجِبُ تَأَمُّلُهُ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ, عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ, عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُورَةٌ, فَهَتَكَهُ, ثُمَّ قَالَ: إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْجِنْسَ الْمَذْكُورَ فِيهِ هُوَ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا.
فَإِنْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا; فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلأَوَّلِ, وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا هُوَ كَذَلِكَ, فَتَأَمَّلْنَاهُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي يُونُسُ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ. وَذَكَرَهُ.
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ, إذْ كَانَ الْمُشَبِّهُ بِخَلْقِ اللهِ هُوَ الْمُمَثِّلُ بِخَلْقِ اللهِ, وَأَنَّ الْجِنْسَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مِنْ الأَجْنَاسِ الثَّلاَثَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الأَوَّلِ.
وَغَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا حَدِيثًا آخَرَ سِوَى ذَيْنَك.
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ, أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ, عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ هَجَا رَجُلاً, فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا.
فَإِنْ كَانَ مَا فِي هَذَا كَمَا فِيهِ, فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلأَوَّلِ, وَحَاشَ ذَلِكَ أَنْ يَخْتَلِفَ قَوْلُ الرَّسُولِ فِي هَذَا, أَوْ فِي غَيْرِهِ, غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي هَذَا مِنْ تَقْصِيرِ بَعْضِ رُوَاتِهِ عَنْ حِفْظِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ, فَالْتَمَسْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا, حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ, حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَمِينَةَ, قَالاَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ, عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ فِرْيَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يَهْجُو الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا, أَوْ رَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ ".
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَصَدَ إلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ ذِكْرُ مَا كَانَ مِنْهُ الْهِجَاءُ لِعِظَمِ الْفِرْيَةِ عِنْدَ اللهِ, لاَ لِوَصْفِ عَذَابِ اللهِ إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَشَدُّ الْعَذَابِ, أَوْ خِلاَفُهُ مِنْ أَصْنَافِ الْعَذَابِ, فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلاَفٌ لِشَيْءٍ مِمَّا فِي الأَوَّلِ.
وَمِنْ ذَلِكَ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ, أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ الْمُزَنِيّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ, قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ, عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ, عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ, وَهِيَ خَالَتُهُ, قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ, وَاضْطَجَعَ الرَّسُولُ, وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا, فَنَامَ حَتَّى إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ, أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ, فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ, ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ, ثُمَّ قَامَ إلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ, فَتَوَضَّأَ مِنْهَا, فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ, ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ, فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ, ثُمَّ ذَهَبْتُ, فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ, فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي, وَأَخَذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ أَوْتَرَ, ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ, ثُمَّ خَرَجَ, فَصَلَّى الصُّبْحَ.
فَلَمْ نَقِفْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَوَّلِ الْعَشْرِ الآيَاتِ الَّتِي قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ, فَاحْتَجْنَا إلَى الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهَا إذْ كَانَ الْقُرَّاءُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ, وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ أَوَّلَهَا هُوَ قَوْلُهُ:
فَالْتَمَسْنَا حَقِيقَةَ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ, وَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, قَالُوا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو, عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: أَمَرَنِي الْعَبَّاسُ أَنْ أَبِيتَ بِآلِ رَسُولِ اللهِ اللَّيْلَةَ, وَتَقَدَّمَ إلَيَّ أَنْ لاَ تَنَامَ حَتَّى تَحْفَظَ لِي صَلاَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ, فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ, وَانْصَرَفَ النَّاسُ, فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي, قَالَ النَّبِيُّ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَعَبْدُ اللهِ؟ قُلْت: نَعَمْ, قَالَ فَمَهْ؟ قُلْت: أَمَرَنِي الْعَبَّاسُ أَنْ أَبِيتَ بِكُمْ اللَّيْلَةَ, قَالَ: فَالْحَقْ إذًا, قَالَ: فَدَخَلْت مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام, فَقَالَ: افْرِشْ عَبْدَ اللهِ, فَأَتَيْت بِوِسَادَةٍ مِنْ مُسُوحٍ حَشْوُهَا لِيفٌ, فَنَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ, ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى فِرَاشِهِ قَاعِدًا, ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ, وَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ الْقُدُّوسِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إنَّ فِي خَلْقِ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ.
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُد الْبَصْرِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ حُصَيْنٍ, عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام, فَقَامَ, أَخَذَ سِوَاكَهُ, ثُمَّ تَوَضَّأَ, ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ:
إلَى آخِرِ الآيَةِ, فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, ثُمَّ قَامَ, فَأَوْتَرَ بِثَلاَثِ رَكَعَاتٍ.
وَوَجَدْنَا صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ, حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ, أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْعَشْرِ الآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ, هُوَ كَمَا فِي عَدَدِ الشَّامِيِّينَ, وَمُوَافَقَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إيَّاهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ وَجَدْنَا فِي حَدِيثِ كُرَيْبٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ مُوَافَقَةَ مَا فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الإِمَامِ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ, حَدَّثَنَا عَمِّي يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ, حَدَّثَنَا أَبِي, عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ, عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ, وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ, كِلاَهُمَا حَدَّثَنِي عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: بَعَثَنِي أَبِي الْعَبَّاسُ إلَى رَسُولِ اللهِ أَحْفَظُ لَهُ صَلاَتَهُ, قَالَ: فَهَبَّ رَسُولُ اللهِ مِنْ اللَّيْلِ, فَتَعَارَّ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ, ثُمَّ تَلاَ هَؤُلاَءِ الآيَاتِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ.
حَتَّى انْتَهَى إلَى عَشْرٍ مِنْهَا, ثُمَّ عَادَ لِمَضْجَعِهِ, فَنَامَ, ثُمَّ هَبَّ, فَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْمَرَّةِ الآُولَى, ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ.
فَعَادَ مَا رَوَاهُ كُرَيْبٌ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا ذَكَرْنَا إلَى مُوَافَقَةِ مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا وَصَفْنَاهُ, وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
وَمِنْ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَمِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ سُهَيْلٌ مِمَّا قَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيمَنْ ذَكَرَهُ فِي إسْنَادِهِ بَعْدَ أَبِيهِ, فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ أَنَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنَا مَالِكٌ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: مَا نِمْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ, فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ؟, فَقَالَ: لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا إنَّك لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ, لَمْ يَضُرّكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ, حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام, فَقَالَ: إنِّي لُدِغْتُ الْبَارِحَةَ, فَلَمْ أَنَمْ حَتَّى أَصْبَحْتُ, فَقَالَ لَهُ: أَمَا إنَّك لَوْ قُلْت حِينَ أَمْسَيْت: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّ بِكَ لَدْغَةُ عَقْرَبٍ حَتَّى تُصْبِحَ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ, حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ رَسُولِ اللهِ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَمِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: قَرَأْت عَلَى لُوَيْنٍ, عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه السلام لُدِغَ, فَبَلَغَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ فَقَالَ: أَمَا إنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ثَلاَثًا لَمْ يَضُرَّهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ أَيْضًا, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ, أَخْبَرَنَا يَزِيدُ, أَخْبَرَنَا هِشَامٌ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ لَسْعَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ, وَقَالَ فِيهِ: ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُقَيْلِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، يَعْنِي: السَّامِيَّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ تَغَيَّبَ عَنْهُ لَيْلَةً, فَسَأَلَ عَنْهُ, فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ: مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ, لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ, قَالَ: لَوْ قُلْت حِينَ أَمْسَيْت: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرّكَ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ, أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الْكُوفِيُّ, حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: لَدَغَتْ رَجُلاً عَقْرَبٌ, فَجَاءَ النَّبِيَّ, فَأَخْبَرَهُ, فَقَالَ لَهُ: أَمَا إنَّكَ لَوْ قُلْت حِينَ أَمْسَيْت: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يُصِبْكَ شَيْءٌ.
غَيْرَ أَنَّ الأَشْجَعِيَّ قَدْ خُولِفَ عَنْ سُفْيَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ, فَقِيلَ لَهُ مَكَانَ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ, وَنَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِي بَقِيَّةِ هَذَا الْبَابِ وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ قَدْ رَوَى عَنْ سُهَيْلٍ هَذَا الْحَدِيثَ, عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ سُهَيْلٍ, سَمِعَ أَبَاهُ يُخْبِرُهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ, فَقَالَ: لُدِغْت الْبَارِحَةَ, فَلَمْ أَنَمْ حَتَّى أَصْبَحْت, قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمَا إنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ, مَا ضَارَّك إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ, حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ, عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, لَمْ يَضُرَّهُ حُمَّةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةِ.
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ, حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ, حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ, قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام, فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ, فَقَالَ: لُدِغْت الْبَارِحَةَ, ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد, حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ, حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ, عَنْ النَّبِيِّ.
ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ سُهَيْلٍ, وَأَخِيهِ,، عَنْ أَبِيهِمَا, عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ.
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ, حَدَّثَنَا أَسَدٌ.
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ, حَدَّثَنَا أَسَدٌ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ سُهَيْلٍ, وَأَخِيهِ,، عَنْ أَبِيهِمَا, عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ: أَنَّهُ لُدِغَ, فَأَتَى النَّبِيَّ عليه السلام.
ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُهَيْلٍ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ, فَخَالَفَهُمْ جَمِيعًا فِي إسْنَادِهِ.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ, أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ, أَخْبَرَنَا حِبَّانُ, حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ.
ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمَّا اخْتَلَفُوا عَلَيْنَا فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ, عَنْ سُهَيْلٍ كَمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ اخْتِلاَفِهِمْ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ, طَلَبْنَاهُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ سُهَيْلٍ, مِنْ حَدِيثِ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ سِوَاهُ, وَسِوَى أَخِيهِ, لِنَقِفَ بِذَلِكَ عَلَى حَقِيقَتِهِ, هَلْ هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَوْ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ؟ فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ, عَنْ أَبِيهِ, وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، يَعْنِي: ابْنَ الأَشَجِّ، عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ, عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيت مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا إنَّك لَوْ قُلْت حِينَ أَمْسَيْت: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ, لَمْ يَضُرَّك وَوَجَدْنَا بَحْرَ بْنَ نَصْرٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ مِثْلَهُ.
وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ, أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ جَعْفَرٍ, عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَا صَالِحٌ مَوْلَى غَطَفَانَ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَنَّك قُلْت حِينَ أَمْسَيْت: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّك.
فَنَسَبَ أَبَا صَالِحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي وَلاَئِهِ إلَى غَطَفَانَ, وَقَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ.
فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ صَاحِبُ الْوَاقِدِيِّ فِي كِتَابِهِ فِي " الطَّبَقَاتِ " قَالَ: وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ امْرَأَةٍ مِنْ قَيْسٍ.
قَالَ: وَقَدْ كُنَّا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الأَشْجَعِيَّ قَدْ خُولِفَ عَنْ سُفْيَانَ فِي إسْنَادِهِ حَدِيثَ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ, وَاَلَّذِي خَالَفَهُ فِيهِ عَنْ سُفْيَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ, أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ سُهَيْلٍ,، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ, ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الأَشْجَعِيِّ.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَهُوَ طَارِقُ بْنُ مُخَاشِنٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ, حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ, حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ طَارِقِ بْنِ مُخَاشِنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام: أَنَّهُ أُتِيَ بِلَدِيغٍ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ, فَقَالَ: لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ, لَمْ يُلْدَغْ أَوْ لَمْ يَضُرَّهُ.
وَلَمَّا وَجَدْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْقَعْقَاعِ, عَنْ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, لاَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ, قَوَّى فِي قُلُوبِنَا أَنَّ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, لاَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ, وَكَانَ الَّذِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمَّا صَحَّحْت هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِيهِ يَرْجِعُ مَا فِيهِ إلَى أَنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْمَحْفُوظَاتِ فِيهِ يَكُونُ بِقَوْلِهِ إيَّاهَا مَحْفُوظًا حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي قَالَهَا فِيهَا, لاَ زِيَادَةَ عَلَيْهَا, غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَكُونُ قَائِلُهَا مَحْفُوظًا بِهَا مِنْ الزَّمَانِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ.
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ, وَبَحْرٌ, قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, وَالْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ, عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَشَجِّ, عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً, فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ, فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ, حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ, وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ, حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ, حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ: أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْت سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: سَمِعْت خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ تَقُولُ: إنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً, فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ, لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ, حَدَّثَنَا الْحُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ, حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ, عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ, عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذَا نَزَلَ مَنْزِلاً, قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ, لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ.
فَخَالَفَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ الْحَارِثَ بْنَ يَعْقُوبَ, وَيَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ فِي مَنْ بَعْدَ يَعْقُوبَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ, فَقَالَ:، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ, مَكَانَ قَوْلِ الْحَارِثِ فِيهِ: عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ, وَلَمْ يَكُنْ فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَكُونُ بِهِ قَائِلُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مَحْفُوظًا بِهَا فِيهِ مِنْ الزَّمَانِ, وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا اخْتِلاَفٌ, وَلَكِنَّ تَصْحِيحَهُمَا أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى قَوْلِ مَنْ هُوَ مُقِيمٌ فِي مَنْزِلِهِ غَيْرَ مُسَافِرٍ.
وَمَا فِي حَدِيثِ خَوْلَةَ عَلَى قَوْلِ مَنْ هُوَ مُسَافِرٌ, وَالْمُسَافِرُ مُخَفَّفٌ عَنْهُ لِمَكَانِ السَّفَرِ, مَرْفُوعٌ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنْ صَلاَتِهِ, مُخَفَّفٌ عَنْهُ فِي صِيَامِهِ الْمُفْتَرَضِ عَلَيْهِ, مُبَاحٌ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى خُرُوجِهِ مِنْ سَفَرِهِ وَرُجُوعِهِ إلَى وَطَنِهِ, وَالْمُقِيمُ لَيْسَ كَذَلِكَ, وَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي ذَكَرْنَا لِلْمُسَافِرِ مَدْفُوعًا عَنْهُ بِهَا فِي وَقْتٍ أَوْسَعَ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يُدْفَعُ بِهَا عَنْ الْمُقِيمِ مَا يُدْفَعُ عَنْ الْمُسَافِرِ بِهَا لِلتَّخْفِيفِ, وَعَنْ الْمُسَافِرِ فِي سَفَرِهِ الَّذِي لَيْسَ لِلْمُقِيمِ مِنْ التَّخْفِيفِ فِي إقَامَتِهِ مِثْلُهُ, وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانِ بْنِ سَرْحٍ الشَّيْرَزِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ, حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ, وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ, حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ, حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ, عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ: " إيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ, فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ, وَجَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ, فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَوَائِجَكُمْ.
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ, حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ, حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ, فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: سَمِعْت اللَّيْثَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً, وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً, وَلاَ تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَقَفْنَا مِمَّا فِي هَذَيْنِ عَلَى نَهْيِهِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ مِنْهُمَا مَعَ وُقُوفِنَا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ جُلُوسِهِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ لِلْخُطْبَةِ عَلَيْهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ, وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ, حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى, حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ لَمَّا زَاغَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي حَجَّتِهِ, أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ, فَرُحِّلَتْ لَهُ, فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي, فَخَطَبَ النَّاسَ, فَقَالَ: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا, فِي شَهْرِكُمْ هَذَا, فِي بَلَدِكُمْ هَذَا, أَلاَ وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي مَوْضُوعٌ, وَدِمَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ, وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ, كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ, فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ, وَإِنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ, وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ, فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ, اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ, فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ, وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ, وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ, فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ, فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ, وَقَدْ تَرَكْت فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ: كِتَابَ اللهِ, وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي, فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّك قَدْ بَلَّغْت, وَأَدَّيْت, وَنَصَحْت, فَقَالَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ وَرَفَعَهَا إلَى السَّمَاءِ يَنْكُتُهَا إلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ, اللَّهُمَّ اشْهَدْ, اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ.
وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ, حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ, وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ, قَالاَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ, قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه السلام, قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: فِي عَرَفَتِي هَذِهِ, قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ مُخَضْرَمَةٍ, وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي حَدِيثِهِ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ مُخَضْرَمَةٍ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ, يَوْمُ النَّحْرِ, قَالَ: صَدَقْتُمْ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ, قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ, ذُو الْحِجَّةِ, قَالَ: صَدَقْتُمْ, شَهْرُ اللهِ الأَصَمُّ, ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ, الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ, قَالَ: صَدَقْتُمْ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ،: وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا, فِي شَهْرِكُمْ هَذَا, فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَوْ قَالَ: كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا وَشَهْرِكُمْ هَذَا, وَبَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ وَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُكُمْ, وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الآُمَمَ أَوْ النَّاسَ, فَلاَ تُسَوِّدُوا وَجْهِي, أَلاَ وَإِنِّي مُسْتَنْقِذٌ رِجَالاً, وَمُسْتَنْقَذٌ مِنِّي آخَرُونَ, فَأَقُولُ: أَصْحَابِي, فَيُقَالُ: إنَّك لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ, أَلاَ وَقَدْ رَأَيْتُمُونِي, وَقَدْ سَمِعْتُمْ مِنِّي, وَسَتُسْأَلُونَ عَنِّي, فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ, حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ, حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ, عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ [، عَنْ أَبِيهِ ] قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ, ثُمَّ وَقَفَ, فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ, ثُمَّ قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى, ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ, فَقَالَ: أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟ فَقَالُوا: بَلَى, فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيَّ بَلَدٍ هَذَا؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ, فَقَالَ أَلَيْسَ الْبَلَدَ الْحَرَامَ؟ فَقُلْنَا: بَلَى, قَالَ: فَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ, وَأَعْرَاضَكُمْ, وَدِمَاءَكُمْ حَرَامٌ بَيْنَكُمْ فِي مِثْلِ يَوْمِكُمْ هَذَا, فِي مِثْلِ شَهْرِكُمْ هَذَا, فِي مِثْلِ بَلَدِكُمْ هَذَا, أَلاَ لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ, فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ مُبَلِّغٍ, ثُمَّ مَالَ عَلَى نَاقَتِهِ إلَى غُنَيْمَاتٍ, فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُنَّ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الشَّاةُ, وَبَيْنَ الثَّلاَثَةِ الشَّاةُ.
وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ, وَفِيهِ: رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ خُطْبَتِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ جُلُوسًا مِنْهُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ, وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُ فِي فِعْلِهِ مَا يُضَادُّ مَا كَانَ مِنْهُ فِي قَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْهُ فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا, وَلَكِنَّهُ كَانَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي ذَيْنِك الْحَدِيثَيْنِ عَلَى نَهْيِهِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ, لِلْحَدِيثِ عَلَيْهَا الَّذِي لاَ حَاجَةَ بِالْجَالِسِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ مِنْهُ, وَإِذْ لاَ فَضْلَ لِجُلُوسِهِ عَلَيْهَا لِذَلِكَ الْحَدِيثِ, وَجُلُوسُهُ عَلَى الأَرْضِ, وَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ عَلَى ظَهْرِهَا لِذَلِكَ فَضْلاً لَمْ تَدْعُهُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ, وَفِي ذَلِكَ إتْعَابُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ دَعَتْهُ إلَى ذَلِكَ مِنْهَا, وَكَانَ جُلُوسُهُ لِلْخُطْبَةِ عَلَى النَّاسِ عَلَيْهَا, وَلِإِسْمَاعِهِ إيَّاهُمْ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ مِمَّا لاَ يَتَهَيَّأُ لَهُ مِثْلُهُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الأَرْضِ, وَإِذَا كَانَ الْجُلُوسُ عَلَى الأَرْضِ لاَ يُسْمَعُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ كَمَا يُسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ, وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ, وَكَانَتْ خُطْبَتُهُ عَلَى ظَهْرِهَا بِمَا ذَكَرْنَا مِمَّا قَدْ دَعَتْهُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ, وَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ مِنْ نَهْيِهِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ نَهْيٌ عَنْ جُلُوسٍ عَلَى ظَهْرِهَا مِمَّا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ, فَخَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا فِي الْحَدِيثَيْنِ, وَمِمَّا فِي خُطْبَتِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ عَلَى مَعْنَى خِلاَفِ الْمَعْنَى الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ مَعْنَى مَا فِي صَاحِبِهِ, وَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ تَضَادٌّ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مُعَاذٍ الْمَذْكُورِ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ مُعَاذُ بْنُ أَنَسٍ الْجُهَنِيُّ, فَقَالَ: هَلْ ثَبَتَ لَهُ عِنْدَكُمْ صُحْبَةٌ يَجِبُ بِهَا إدْخَالُ حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ كَمَا أَدْخَلْتُمْ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُ فِيهِ لِصُحْبَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ, قَدْ وَقَفْنَا عَلَى صُحْبَتِهِ لَهُ وَرِوَايَتِهِ عَنْهُ.
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ, حَدَّثَنِي الْهِقْلُ, عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, عَنْ أُسَيْدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ, عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام, فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ, وَقَطَعُوا الطُّرُقَ, فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ عليه السلام, فَقَالَ: أَلاَ مَنْ قَطَعَ طَرِيقًا, أَوْ ضَيَّقَ مَنْزِلاً فَلاَ جِهَادَ لَهُ.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ, حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ سُلَيْمَانَ, حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ, عَنْ أُسَيْدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: غَزَوْت مَعَ أَبِي الصَّائِفَةِ فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ, فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ, وَقَطَعُوا الطُّرُقَ, فَقَامَ أَبِي فِي النَّاسِ, فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ, إنِّي قَدْ غَزَوْت مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام غَزْوَةَ كَذَا وَكَذَا, فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ, وَقَطَعُوا الطُّرُقَ, فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلاَ مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلاً أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا, فَلاَ جِهَادَ لَهُ.
فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ لِمُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ مِنْ الصُّحْبَةِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْغَزْوِ مَعَهُ, وَالرِّوَايَةِ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
وَسَمِعْت إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد يَقُولُ: أَكْثَرُ حَدِيثِ مُعَاذٍ هَذَا الَّذِي فِي أَيْدِي النَّاسِ هُوَ مَا رَوَاهُ الْمِصْرِيُّونَ عَنْهُ, وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى صُحْبَتِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وَاَلَّذِي وَجَدْنَاهُ مِمَّا قَدْ دَلَّنَا عَلَى ذَلِكَ, فَهُوَ مَا رَوَاهُ الشَّامِيُّونَ عَنْهُ عَلَى قِلَّةِ رِوَايَتِهِمْ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْهُ: الْمُخَضْرَمَةُ: الْمَشْقُوقَةُ الآُذُنُ, وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ, مِنْهُمْ عَبَّاسٌ الرِّيَاشِيُّ فِيمَا حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ, قَالَ: مُحَالٌ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ عليه السلام خَطَبَ عَلَى نَاقَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا لأَنَّهَا مَبْتُوكَةٌ, وَلَكِنَّهَا نَاقَةٌ وُلِدَتْ بَيْنَ الْعِرَابِ وَالْيَمَانِيَّةِ, فَقِيلَ لَهَا بِذَلِكَ: مُخَضْرَمَةٌ كَمَا قِيلَ لِمَنْ وُلِدَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, وَلَحِقَ الإِسْلاَمَ مُخَضْرَمٌ, أَيْ: لِإِدْرَاكِهِ الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا.
سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَلَى بَابِ عَفَّانَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, إنْ سَرَّكَ أَنْ تَكْتُبَ عَنْ رَجُلٍ لاَ يَكُونُ فِي قَلْبِكَ مِنْهُ شَيْءٌ, فَاكْتُبْ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بْنِ إسْمَاعِيلَ.
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَيَّامٍ: اعْقِلْ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أَقُولُ لَك ثُمَّ لَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ, قَالَ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ فِي سِرِّ أَمْرِكَ وَعَلاَنِيَتِكَ, وَإِذَا أَسَأْت; فَأَحْسِنْ, وَلاَ تَسَلْنَ أَحَدًا, وَإِنْ سَقَطَ سَوْطُكَ, وَلاَ تُؤْوِيَنَّ أَمَانَةً, وَلاَ تُؤْوِيَنَّ يَتِيمًا, وَلاَ تَقْضِيَنَّ بَيْنَ اثْنَيْنِ.
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهْيُهُ أَبَا ذَرٍّ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ, وَقَدْ كَانَ عليه السلام اسْتَعْمَلَ عَلَى الْقَضَاءِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.
فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ عَلَى عَمَلٍ مَكْرُوهٍ, وَأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي مَعْنًى يُنْقِصُ بِهِ رُتْبَتَهُ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ, بَلْ مَا أَدْخَلَهُ إِلاَّ فِي مَعْنًى يَكُونُ زَائِدًا فِي رُتْبَتِهِ, وَفِي مَعْنًى يَكُونُ سَبَبًا لِمَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى.
وَرُوِيَ مِمَّا كَانَ مِنْهُ إلَى عَلِيٌّ فِي ذَلِكَ لَمَّا بَعَثَهُ عَلَى مَا وَلَّاهُ عَلَيْهِ, مِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى, حَدَّثَنَا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبَشِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ, قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ, إنَّك تَبْعَثُنِي إلَى قَوْمٍ شُيُوخٍ ذَوِي سِنٍّ, وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أُصِيبَ, فَقَالَ: إنَّ اللَّه يُثَبِّتُ لِسَانَكَ, وَيَهْدِي قَلْبَكَ.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ, حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ, حَدَّثَنَا شَرِيكٌ, وَزَائِدَةُ, وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ, كُلُّهُمْ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ, عَنْ حَنَشٍ، وَهُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إذَا تَقَاضَى إلَيْكَ الرَّجُلاَنِ, فَلاَ تَقْضِ لِلأَوَّلِ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ الآخَرُ, فَإِنَّك إذَا سَمِعْتَ ذَلِكَ عَرَفْتَ كَيْفَ تَقْضِي, قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا زِلْت قَاضِيًا بَعْدُ.
وَزَادَ سُلَيْمَانُ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ لِعَلِيٍّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إنَّ اللَّهَ يُثَبِّتُ لِسَانَكَ, وَيَهْدِي قَلْبَكَ.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ, حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ, حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ, فَقُلْت: إنَّك بَعَثْتَنِي إلَى قَوْمٍ أَسَنَّ مِنِّي, فَكَيْفَ أَقْضِي؟ قَالَ: اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ يَهْدِي قَلْبَكَ, وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ, حَدَّثَنَا ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ, حَدَّثَنَا شَرِيكٌ, عَنْ سِمَاكٍ, عَنْ حَنَشٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ, وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ, فَقُلْت: بَعَثْتَنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ, وَلاَ عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ, فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ هَادِي قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ, فَإِذَا جَلَسَ إلَيْكَ الْخَصْمَانِ, فَلاَ تَقْضِ لِلأَوَّلِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلاَمَ الآخَرِ, قَالَ: فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَدْخَلَ عَلِيًّا إِلاَّ فِيمَا زَادَ فِي رُتْبَتِهِ, وَفِي جَلاَلَةِ مِقْدَارِهِ, وَفِيمَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى.
وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي تَوْكِيدِ مَا ذَكَرْنَا مَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ, وَبَكْرُ بْنُ إدْرِيسَ الأَزْدِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي, حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ, حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ, عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ, وَاجْتَهَدَ, ثُمَّ أَصَابَ, فَلَهُ أَجْرَانِ, وَإِذَا حَكَمَ, وَاجْتَهَدَ, ثُمَّ أَخْطَأَ, فَلَهُ أَجْرٌ, قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ, فَقَالَ: هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ, وَفَهْدٌ, قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ, حَدَّثَنِي اللَّيْثُ, حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
وَمَا قَدْ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ, أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، يَعْنِي الْكَوْسَجَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ.
وَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد, حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ, حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ, حَدَّثَنِي شَرِيكٌ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ, عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, قَالَ: الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ: فَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ, وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ: قَاضٍ تَرَكَ الْحَقَّ وَهُوَ يَعْلَمُ, وَقَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ, فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ, فَهَذَانِ فِي النَّارِ, وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد, حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ, وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد, حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ, قَالاَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ, حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ, قَالَ: لَوْلاَ حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ, وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ, وَقَضَى بِهِ, فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ, وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ, فَلَمْ يَقْضِ بِهِ, وَجَارَ فِي الْحُكْمِ, فَهُوَ فِي النَّارِ, وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفْ الْحَقَّ فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ, فَهُوَ فِي النَّارِ.
[ لَقُلْنَا: إنَّ الْقَاضِيَ إذَا اجْتَهَدَ, فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ].
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَفَلاَ تَرَى مَا فِي الْقَضَاءِ مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِلْجَنَّةِ, فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَلاَلَةِ مِقْدَارِهِ, وَعَلَى أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَمْ يَمْنَعْ أَبَا ذَرٍّ مِنْهُ لِلْقَضَاءِ بِعَيْنِهِ, وَلَكِنْ لِمَعْنًى سِوَاهُ.
فَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ الْمَعْنَى مَا هُوَ؟ فَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ, وَعَلِيَّ بْنَ شَيْبَةَ, وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُنْقِذٍ الْعُصْفُرِيَّ, وَمُوسَى بْنَ النُّعْمَانَ الْمَكِّيَّ قَدْ حَدَّثُونَا عَنْ الْمُقْرِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي, عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ, عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيَشَانِيِّ,، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا ذَرٍّ, إنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي, وَإِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا, فَلاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ, وَلاَ تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ.
فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا ذَرٍّ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ, وَإِنَّهُ لِمَعْنًى فِيهِ نَقَصَ بِهِ عَنْ رُتْبَةِ الْقَضَاءِ مِمَّا كَانَ ضِدَّهُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِمَّا اسْتَحَقَّ بِهِ وِلاَيَةَ الْقَضَاءِ.
وَوَجَدْنَا يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ كَامِلٍ الْقُرَشِيِّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ, حَدَّثَنِي اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو, عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ, عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الأَكْبَرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ, قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ, أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي, ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ, إنَّكَ ضَعِيفٌ, وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ, وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا, وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا.
فَوَقَفْنَا بِهَذَا أَيْضًا أَنَّهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي ذَرٍّ مَا كَرِهَهُ لَهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ.
وَوَقَفْنَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ, وَهُوَ: إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا, وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا, أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ, فَلَيْسَ مِمَّنْ لَحِقَهُ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ, وَلاَ لَحِقَتْهُ فِيهِ كَرَاهَةٌ, وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِذَلِكَ إنَّمَا تَلْحَقُ الْمُتَعَرِّضِينَ لَهُ, الطَّالِبِينَ لِوِلاَيَتِهِ.
ومِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي تَوْكِيدِ هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ, حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ الأَصْبَهَانِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, عَنْ إسْمَاعِيلَ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَخِيهِ, عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام رَجُلاَنِ مِنْ الأَشْعَرِيِّينَ, فَخَطَبَا, ثُمَّ تَعَرَّضَا لِلْعَمَلِ, فَقَالَ: إنَّ أَخْوَنَكُمْ عِنْدِي مَنْ طَلَبَهُ, فَعَلَيْكُمَا بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ, حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ, عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ, عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ, قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لاَ تَسْأَلْ الإِمَارَةَ; فَإِنَّكَ إنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إلَيْهَا, وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي مَا قَدْ ذَكَرْت مَا قَدْ وَضَحَ بِهِ جَمِيعُ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ بِالْحَدِيثِ الأَوَّلِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ نَهْيُهُ أَبَا ذَرٍّ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ, وَفِي الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا بَعْدَهُ مِمَّا فِيهِ نَفْيُ ذَلِكَ النَّهْيِ عَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ بِهِ الْقُوَّةُ عَلَى مَا يَتَوَلَّاهُ مِنْ ذَلِكَ.
فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وَأَنَّ مَعَانِيَهُ قَدْ اتَّضَحَتْ مُلْتَئِمَةً بَائِنَةً لِمُعَايِنِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ.
وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ, حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ, أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْن مُوسَى, عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ, عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ بِالتَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ, فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِلْمًا, فَأَعْتَقَهُمْ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْكَلْبِيَّ, فَقَالَ: هَكَذَا كَانَ الْحَدِيثُ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْبَزَّازُ أَبُو الْقَاسِمِ، الْمَعْرُوفُ مُحَمَّدٌ هَذَا بِرِجَالٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, ثُمَّ اجْتَمَعَا, فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جَانِبٍ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ الْمِسْوَرِ, وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ, قَالَ فِي حَدِيثِ الْهُدْنَةِ: إنَّ سُهَيْلاً كَانَ مِمَّا اشْتَرَطَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ, وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ, إِلاَّ رَدَدْتَهُ إلَيْنَا, ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الْمَدِينَةِ, فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ, وَهُوَ مُسْلِمٌ, فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ, فَقَالُوا: الْعَهْدُ الَّذِي جَعَلْت لَنَا, فَدَفَعَهُ إلَى الرَّجُلَيْنِ, فَخَرَجَا بِهِ, فَلَمَّا بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ, نَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرِهِمْ, فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاَللَّهِ إنِّي لاََرَى سَيْفَكَ يَا فُلاَنٌ جَيِّدًا, فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ, فَقَالَ: أَجَلْ وَاَللَّهِ إنَّهُ لَجَيِّدٌ, فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إلَيْهِ, فَضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ, وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ, فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ: لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا, فَلَمَّا انْتَهَى إلَيْهِ قَالَ: قُتِلَ وَاَللَّهِ صَاحِبِي, وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ, فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ, فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ, قَدْ وَاَللَّهِ وَفَّى اللَّهُ ذِمَّتَكَ أَنْ رَدَدْتَنِي إلَيْهِمْ, ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ, فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ, فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ, عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إلَيْهِمْ, فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ، يَعْنِي، الْبَحْرَ قَالَ: وَتَفَلَّتَ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلٍ, فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ, فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلاَّ لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ, حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ, قَالَ: فَوَاَللَّهِ مَا سَمِعُوا بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلَى الشَّامِ إِلاَّ اعْتَرَضُوا لَهُمْ, فَقَتَلُوهُمْ, وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ, فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام تُنَاشِدُهُ اللَّهَ, وَالرَّحِمَ لَمَّا أَرْسَلَ إلَيْهِمْ, فَمَنْ أَتَاهُ, فَهُوَ آمِنٌ, فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِمْ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرِ: وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ مِنْ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ, وَأَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ كَانَ فِي ذَلِكَ, وَكَانَ مَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مُضَافًا إلَى أَنَسٍ لِغَيْرِ حِكَايَةٍ مِنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ.
وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ, وَمَرْوَانَ أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِيمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَصِيرٍ, وَأَبِي جَنْدَلٍ, وَمِمَّنْ لَحِقَ بِهِمَا مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَيْشٍ بِسِيفِ الْبَحْرِ فِي قَطْعِهِمْ مَا كَانَ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ عَيْرَاتِ قُرَيْشٍ, وَمِمَّا سِوَاهَا مِمَّا كَانَتْ مِيرَةً لَهُمْ, حَتَّى كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ سُؤَالُهُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وَمُنَاشَدَتُهُمْ إيَّاهُ بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ لَمَّا أَرْسَلَ إلَيْهِمْ, فَمَنْ أَتَاهُ, فَهُوَ آمِنٌ, وَأَنَّ إنْزَالَ اللهِ هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا كَانَ فِي ذَلِكَ, وَكَانَ كُلُّ وَجْهٍ مِمَّا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مُضَافًا إلَى رُوَاتِهِ لاَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فَبَانَ بِذَلِكَ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي وَاحِدٍ مِمَّا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وَأَنَّ التَّضَادَّ الَّذِي فِيهِمَا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ كَانَ مِمَّنْ دُونَهُ عليه السلام مِنْهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فِي نُزُولِهَا أَيْضًا شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَسٌ, وَأَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِيهِ.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد, أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ, حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيّ, عَنْ إيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ سَلَمَةَ قَالَ: جَاءَ عَمِّي بِرَجُلٍ مِنْ عَبَلاَتٍ وَبِفَرَسِهِ مُجَفِّفًا فِي سَبْعِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى وَقَفَ بِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: دَعُوهُمْ تَكُونُ لَنَا الْيَدُ وَالْفَخَارُ, فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم, فَأَنْزَلَ اللَّهُ:
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ثُمَّ تَأَمَّلْنَا نَحْنُ مِنْ بَعْدُ مَا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ, فَوَجَدْنَا فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَسٌ فِي السَّبَبِ الَّذِي فِيهِ أُنْزِلَتْ لاَ عَلَى مَا قَالَ مَرْوَانُ, وَالْمِسْوَرُ فِي ذَلِكَ; لأَنَّ فِيهَا وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ الآيَةَ, وَكَانَ التَّنْعِيمُ مِنْ مَكَّةَ, وَكَانَ سِيفُ الْبَحْرِ لَيْسَ مِنْ بَطْنِ مَكَّةَ, وَكَانَ الَّذِي كَانَ فِي ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: الظَّفَرُ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ حَاوَلُوا مَا حَاوَلُوا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وَمِنْ أَصْحَابِهِ, وَلاَ ظَفَرَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ, وَمَرْوَانَ.
وَمِنْ ذَلِكَ:
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد, حَدَّثَنَا مُسَدِّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ شُعْبَةَ, حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ, قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ لِآخَرَ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ, فَقَالَ لَهُ الآخَرُ: لاَ تَقُلْ هَذَا النَّبِيَّ; فَإِنَّهُ إنْ سَمِعَهَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ, فَانْطَلَقَا إلَيْهِ, فَسَأَلاَهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ, فَقَالَ: تَعْبُدُوا اللَّهَ لاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا, وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ, وَلاَ تَزْنُوا, وَلاَ تَسْرِقُوا, وَلاَ تَفِرُّوا مِنْ الزَّحْفِ, وَلاَ تُسْحِرُوا, وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا, وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى سُلْطَانٍ, وَعَلَيْكُمْ يَهُودَ أَنْ لاَ تَعْدُوا فِي السَّبْتِ.
فَقَالاَ: نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَذَا الْحَرْفُ " نَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللهِ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ إِلاَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ, فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ التِّسْعَ آيَاتٍ الَّتِي آتَاهَا اللَّهُ مُوسَى هِيَ التِّسْعُ الآيَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ, وَأَنَّهَا عِبَادَاتٌ لاَ نِذَارَاتٌ, وَلاَ تَخْوِيفَاتٌ, وَلاَ وَعِيدَاتٌ.
وَمَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ ضَبَطَ التِّسْعَ الآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهِ غَيْرَ يَحْيَى, وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَدْ ضَبَطَهَا عَنْ شُعْبَةَ أَيْضًا بِضَبْطِ يَحْيَى إيَّاهَا عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ الأَوْدِيُّ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْبٍ, عَنِ ابْنِ إدْرِيسَ, أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ, فَقَالَ صَاحِبُهُ: لاَ تَقُلْ نَبِيٌّ, لَوْ سَمِعَهَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ, فَأَتَيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم, فَسَأَلاَهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَقَالَ لَهُمْ: لاَ تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا, وَلاَ تَسْرِقُوا, وَلاَ تَزْنُوا, وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ, وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى سُلْطَانٍ, وَلاَ تُسْحِرُوا, وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا, وَلاَ تَقْذِفُوا الْمُحْصَنَةَ, وَلاَ تَوَلُّوا يَوْمَ الزَّحْفِ, وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً يَهُودُ أَنْ لاَ تَعْدُوا فِي السَّبْتِ فَقَبَّلُوا يَدَيْهِ, وَرِجْلَيْهِ, وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي؟ قَالُوا: إنَّ دَاوُد دَعَا أَنْ لاَ يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ, وَإِنَّا نَخَافُ إنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ.
هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شُعَيْبٍ بِلاَ شَكٍّ مِنْهُ فِيهِ, وَلاَ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ, وَلاَ مِمَّنْ فَوْقَهُ مِنْ رُوَاتِهِ فِيهِ.
وَكَانَ مَا ظَنَّ هَذَا الظَّانُّ بِخِلاَفِ مَا ظَنَّهُ; لأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّ, لَكَانَ ابْنُ إدْرِيسَ قَدْ زَادَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِيهِ آيَةً أُخْرَى, فَصَارَ الَّذِي فِيهِ عَشْرُ آيَاتٍ, وَإِنَّمَا الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ آتَاهُ مُوسَى مِنْهَا تِسْعُ آيَاتٍ لاَ عَشْرُ آيَاتٍ.
وَلَكِنَّ حَقِيقَةَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِيهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلَى يَحْيَى إنَّمَا هِيَ أَنَّ شُعْبَةَ قَدْ كَانَ شَكَّ فِيهِ بِآخِرِهِ, فَلَمْ يَدْرِ: هَلْ مِنْ الآيَاتِ الَّتِي فِيهِ التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ, أَوْ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ, وَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ كَذَلِكَ إلَى أَنْ مَاتَ, وَكَأَنَّ سَمَاعَ يَحْيَى إيَّاهُ مِنْهُ بِلاَ شَكٍّ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا: أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَتَّابِيَّ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ, وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ, وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد, وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُد قَدْ حَدَّثُونَا, قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ, عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ حَتَّى نَسْأَلَ هَذَا النَّبِيَّ فَقَالَ الآخَرُ: لاَ تَقُلْ هَذَا النَّبِيَّ فَإِنَّهُ إنْ سَمِعَهَا صَارَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ
وَأَنَّ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا, حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي الْوَلِيدِ بِالشَّكِّ الَّذِي فِيهِ.
وَأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ الرَّقِّيَّ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, وَزَادَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّكَّ مِنْ شُعْبَةَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ انْفِرَادَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ شُعْبَةَ خَالِيًا عَنْ الشَّكِّ فِيهِ دُونَ ابْنِ إدْرِيسَ وَدُونَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَهَذَا مَا وَجَدْنَاهُ فِي هَذِهِ الآيَاتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَالْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ مِنْهَا هُوَ مَوْضِعٌ يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى الْفَائِدَةِ فِيهِ وَهُوَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ حُكْمَ اللهِ تَعَالَى كَانَ تَحْرِيمَ الْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ مِمَّا تَعَبَّدَ بِهِ نَبِيُّهُ مُوسَى عليه السلام وَمِمَّا لَمْ يَنْسَخْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ مِنْ شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا وَكَانَ فِي ذَلِكَ دَفْعٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى
فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُد الْحَرَّانِيُّ أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ {تِسْعَ آيَاتٍ} بَيِّنَاتٍ قَالَ: الْيَدُ، وَالْعَصَا، وَالطُّوفَانُ، وَالْجَرَادُ، وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ، وَالدَّمُ، وَالسُّنُونَ، وَنَقْصٌ مِنْ الثَّمَرَاتِ.
غَيْرَ أَنَّا تَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ مَوْلاَهُ فَوَجَدْنَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِهِ فِي الْفُتُونِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قوله تعالى لِمُوسَى
ثُمَّ ذَكَرَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ حَتَّى بَلَغَ إلَى مَوْضُوعِ تَحْرِيمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ حَرَّمَ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ مُوسَى قَبْلَ ذَلِكَ فَاسِقِينَ ثُمَّ ابْتَلاَهُمْ بِمَا ابْتَلاَهُمْ بِهِ مِنْ التِّيهِ فِي الأَرْضِ الَّتِي ابْتَلاَهُمْ بِالتِّيهِ فِيهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَيُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ, ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لاَ تَبْلَى وَلاَ تَتَّسِخُ وَجَعَلَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا وَأَمَرَ تَعَالَى مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلاَثَةُ أَعْيُنٍ وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمْ الَّتِي يَشْرَبُونَ مِنْهُ وَلاَ يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ مِنْهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِالأَمْسِ رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الآيَاتِ التِّسْعِ سَبْعَ آيَاتٍ كَانَتْ مِنْ اللهِ تَعَالَى قَبْلَ تَغْرِيقِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِي الْبَحْرِ وَهِيَ عَصَا مُوسَى وَيَدُهُ وَإِرْسَالُهُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ، وَالْقُمَّلَ، وَالضَّفَادِعَ، وَالدَّمَ، وَمِنْهَا مَا بَعْدَ تَغْرِيقِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ نَتْقِهِ الْجَبَلَ عَلَى مَنْ نَتَقَهُ وَمِنْ التِّيهِ الَّذِي ابْتَلَى بِهِ مَنْ ابْتَلاَهُ وَمِمَّا كَانَ مِنْهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ تَظْلِيلِهِ عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ وَإِنْزَالِهِ عَلَيْهِمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَمِمَّا جَعَلَ لَهُمْ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي لاَ تَبْلَى وَلاَ تَتَّسِخُ وَمِمَّا جَعَلَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ مِنْ الْحَجَرِ الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِمَّا كَانَ مِنْ مُوسَى فِيهِ مِنْ ضَرْبِهِ إيَّاهُ بِعَصَاهُ حَتَّى انْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ ثَلاَثَةُ أَعْيُنٍ وَإِعْلاَمِهِ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمْ الَّتِي يَشْرَبُونَ وَمِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرْحَلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ مِنْهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا مِنْهُ بِالأَمْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا الآيَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ بَعْدَ السَّبْعِ الآيَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ تَغْرِيقِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ وَصَارَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ عليه السلام.
ثُمَّ اعْتَبَرْنَا مَا يُرْوَى عَمَّنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ مِمَّنْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام وَعَنْ صَفْوَانَ فِي ذَلِكَ.
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُد حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ وَمُغِيرَةُ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي قوله تعالى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ قَالَ: الطُّوفَانُ، وَالْجَرَادُ، وَالْقُمَّلُ، وَالضَّفَادِعُ، وَالدَّمُ، وَيَدُهُ، وَعَصَاهُ، وَالسُّنُونَ، وَنَقْصٌ مِنْ الثَّمَرَاتِ،.
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَعِكْرِمَةَ مِثْلَهُ.
وَوَجَدْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ.
وَكَانَتْ الآيَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي أَحَادِيثِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ مِنْ التَّابِعِينَ نِذَارَاتٍ وَتَخْوِيفَاتٍ وَوَعِيدَاتٍ وَكَانَتْ الآيَاتُ هِيَ الْعَلاَمَاتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، عَنْ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ زَكَرِيَّا عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ
وَسَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: فِي مَا قَدْ رَوَيْتَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَعَنْ صَفْوَانَ مَا قَدْ وَقَفْنَا بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَانَ آتَى نَبِيَّهُ مُوسَى عليه السلام ثَمَانِيَ عَشْرَةَ آيَةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْتُهُمَا مِنْهُ تِسْعُ آيَاتٍ وَإِنَّمَا فِي الآيَةِ الَّتِي ذَكَرْت هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ أَجْلِهَا إيتَاؤُهُ إيَّاهُ تِسْعَ آيَاتٍ وَهِيَ قَوْلُهُ
بَيَانُ مَا أَشْكَلَ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي السَّبَبِ الَّذِي كَانَ فِيهِ نُزُولُ قوله تعالى
وَأَمَّا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ مِمَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إِلاَّ بِأَخْذِهِ إيَّاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم; لأَنَّ فِيهِ إخْبَارَهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَنَى مَا ذَكَرَهُ فِيهِ, وَذَلِكَ شَهَادَةٌ مِنْهُ عَلَى اللهِ بِهِ وَلاَ يَسَعُهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِأَخْذِهِ إيَّاهُ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا كَمَا.
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ لاَ تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى قَالَ صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونُ الْجَبَلَ فَمَاتَ هَارُونُ فَقَالَ بَنُو إسْرَائِيلَ أَنْتَ قَتَلَتْهُ كَانَ أَلْيَنَ لَنَا مِنْك وَأَشَدَّ حَيَاءً فَآذَوْهُ فِي ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلاَئِكَةَ فَحَمَلَتْهُ وَتَكَلَّمَتْ بِمَوْتِهِ حَتَّى عَرَفَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَدَفَنُوهُ فَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ إِلاَّ الرَّخَمُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ أَبْكَمَ أَصَمَّ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ مَنْ لاَ عِلْمَ عِنْدَهُ مِمَّنْ وَقَفَ عَلَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ يَرَى أَنَّهُمَا مُتَضَادَّانِ وَحَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَكُونَا كَذَلِكَ; لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَنُو إسْرَائِيلَ آذَتْ مُوسَى مِمَّا ذَكَرَ مِمَّا كَانَ مِمَّا آذَتْهُ بِهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ حَتَّى بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا بَرَّأَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ [ فِي ] هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ.
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد جَمِيعًا قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إلَيْهِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ, وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا, وَكَذَا كَذَا, وَكَذَا أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرْت عَلَيْهِ قَالَ إنِّي خُيِّرْت فَاخْتَرْت وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ زِدْت عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ زِدْت عَلَيْهَا قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ يَزِيدُ وَابْنُ أَبِي دَاوُد.
خَاصَّةً فِي حَدِيثِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى جَمِيعًا قَالاَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ جَاءَ ابْنُهُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَعْطِنِي قَمِيصَك أُكَفِّنْهُ بِهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ, ثُمَّ قَالَ آذِنِّي بِهِ أُصَلِّ عَلَيْهِ فَآذَنَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ وَقَالَ أَلَيْسَ اللَّهُ قَدْ نَهَاك أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ: أَنَا بَيْنَ خِيرَتَيْنِ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ, ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ, وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً وَسَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ فَقَالَ: إنَّهُ مُنَافِقٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتُصَلِّي عَلَيْهِ, وَقَدْ نَهَاك اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ, وَقَدْ نَهَاك اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ وَمَكَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَتُصَلِّي عَلَيْهِ, وَقَدْ قَالَ قَوْمَ كَذَا, وَكَذَا كَذَا, وَكَذَا " وَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَا أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ; لأَنَّ مُحَالاً أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى يَنْهَى نَبِيَّهُ عَنْ شَيْءٍ, ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلاَ نَرَى هَذَا إِلاَّ وَهْمًا مِنْ بَعْضِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَوْصَى رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَأَنْ يُكَفِّنَهُ فِي قَمِيصِهِ فَلَمَّا مَاتَ كَفَّنَهُ فِي قَمِيصِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
قُلْت ظَنَّ عُمَرُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ الآيَةُ نَهْيًا عَنْ الصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ فَأَعْلَمَهُ النَّبِيُّ عليه السلام أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِنَهْيٍ وَلَمْ يَكُنْ قوله تعالى
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ, وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ.
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ أَبُو جَعْفَرٍ اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ أَتَى النَّبِيُّ عليه السلام ابْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ صلى الله عليه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّكَ إنْ لَمْ تَشْهَدْهُ لَمْ نَزَلْ نُعَيَّرُ بِهِ فَأَتَاهُ, وَقَدْ أُدْخِلَ فِي حُفْرَتِهِ فَقَالَ: أَفَلاَ قَبْلَ أَنْ تُدْخِلُوهُ قَالَ: فَأُخْرِجَ مِنْ حُفْرَتِهِ فَتَفَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ.
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قَاسِمٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَلاَ شَهِدَهُ وَلاَ أَتَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ أَشْبَهُ بِأَفْعَالِهِ كَانَتْ فِيمَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ; أَنَّ صَلاَتَهُ عَلَى مَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَتْ لِمَا يَفْعَلُ اللَّهُ لِمَنْ صَلَّاهَا عَلَيْهِ.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ أَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مَاتَ إِلاَّ آذَنْتُمُونِي لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلاَتِي عَلَيْهِمْ رَحْمَةٌ.
وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ فَصَلَّى عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ فَقَالَ مُلِئَتْ هَذِهِ الْمَقْبَرَةُ نُورًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُظْلِمَةً عَلَيْهِمْ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَإِذَا كَانَتْ صَلاَتُهُ لِمَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَتْ لِمَنْ ذَكَرَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ ابْنُ أُبَيٍّ مِمَّنْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ صَلَّى عَلَيْهِ, وَقَدْ تَرَكَ عليه السلام الصَّلاَةَ عَلَى مَنْ غَلَّ مِنْ الْغَنَائِمِ وَهُوَ مِمَّنْ كَانَ غَزَا مَعَهُ لِقِتَالِ أَعْدَائِهِ مِمَّنْ لاَ يَعْلَمُهُ لَحِقَهُ ذَمٌّ مِنْ فِعْلٍ كَانَ مِنْهُ سِوَى ذَلِكَ وَأَبَاحَ غَيْرُهُ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ الصَّلاَةَ عَلَيْهِ.
كَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام بِخَيْبَرَ فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَقَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَنَظَرُوا فِي مَتَاعِهِ فَوَجَدُوا فِيهِ خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ لاَ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ.
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ أَيْضًا حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ سَعِيدٌ يَقُولُ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَجُلاً تُوُفِّيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَشْجَعَ يَوْمَ خَيْبَرَ, وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ: فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ وَاَللَّهِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَإِذَا كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ غَلَّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ; لأَنَّهُ بِغُلُولِهِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ لِلْمَدْحِ فِي صَلاَتِهِ عَلَيْهِ وَلاَ مُسْتَحَقٌّ لِسُؤَالِهِ لَهُ رَبَّهُ مَا يَسْأَلُهُ لَهُ فِي صَلاَتِهِ عَلَيْهِ مِمَّنْ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ صَلاَتُهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَدْ أَخْبَرَهُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ أَبْعَدَ وَبِتَرْكِهَا عَلَيْهِمْ أَحَقُّ, وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي تَرْكِهِ الصَّلاَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ مِمَّنْ كَانَ يَنْتَحِلُ الإِسْلاَمَ.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَزُهَيْرٌ عَنْ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلاً نَحَرَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَإِذَا كَانَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ كَانَ بِأَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَعَلَى نَفْسِهِ فَوْقَ ذَلِكَ أَحْرَى وَبِتَرْكِهِ إيَّاهُ عَلَيْهِ أَوْلَى, وَقَدْ كَانَتْ سُنَّتُهُ فِيمَنْ كَانَ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِهِ فَيُدْعَى لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَبِرَ فِي أَمْرِهِ مِنْ أَحْوَالِهِ.
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ, وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا فَقَالاَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ مَا تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عَلَيْهِ وَإِلَّا قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَإِذَا كَانَ لاَ يُصَلِّي عَلَى الْمَدِينِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْمَوْتَى; لأَنَّهُمْ مَحْبُوسُونَ عَنْ الْجَنَّةِ بِدُيُونِهِمْ الَّتِي عَلَيْهِمْ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا.
قَدْ حَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنْ قُتِلْت فِي سَبِيلِ اللهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ نَادَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَنُودِيَ فَقَالَ كَيْفَ قُلْت وَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ نَعَمْ إِلاَّ الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام.
ومِمَّا قَدْ حَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْت إنْ ضَرَبْت بِسَيْفِي هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ فَقَالَ: نَعَمْ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ تَعَالَ هَذَا جِبْرِيلُ يَقُولُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْك دَيْنٌ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ أَيْ: أَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَأَجَابَهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ كَانَ بِأَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ هُوَ مَحْبُوسٌ عَنْ الْجَنَّةِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ مِنْ الدَّيْنِ أَحْرَى.
|